موقعة الجمل و البحث عن الثورة
في يوم 2 فبراير 2011 كنت واقف في صف الدفاع الثاني عند الشارع الفارق بين جامع عمر مكرم و مبني المجمع في ميدان التحرير. كان دوي المعركة أمامنا مرعب و كنا نتضرع الله ليثب الله أقدامنا و يقوي عزائمنا و يذود عنا شر من يريدون لروح بعثت من جديد أن توأد و لفجر الحرية أن ينزوي. وقفت مع الثوار من الإخوان و غيرهم و نظرنا صوب السماء و هتفنا بصدق لم أشعر به من قبل “يا رب!”. كان للإخوان المسلميين دور مهم في هذا اليوم. كانوا يعملون بإخلاص و تفاني لتنظيم الصفوف و رأب أي صدع أو خلل في الدفاع.
مشهدان دائما استحضرهم كلما أصابني حنق من تصرفات الإخوان المسلمين. المشهد الأول لشاب أحسبه من الإخوان مشجوج الرأس و مكسور الذراع. كان الشاب يحمل في يده اليسري حجراً و يحجل بعزيمة يقشعر لها البدن للصفوف الأمامية للدفاع عند الميدان. المشهد الثاني لسيدة في منتصف العمر و هي تدخل الميدان في وسط المعمعة. قالت لنا هذه السيدة: أنا من الإخوان المسلمين، أنا زوجة و أم، أنا معكم في هذه المعركة و أسأل من الله الشهادة. قالت هذه الكلمات البسيطة بصدق نفذ إلي القلوب و جعلتني أبكي أنا و من معي.
كنا معاً صفاً واحداً و للحظات ذابت الأشكال و الصور و انقشعت الأيدلوجيات و تجلت حقيقة ربانية يصعب وصفها و ابتذالها في كلمات.
كنت في ذهابي للميدان دائما أبحث في الوجوه و العيون عن من رأي هذه الحقيقة. كنت أبحث عن الثورة… و مازلت ابحث.
اليوم نجد حرباً جديدة من أعداء هذه الروح الوليدة. يريدون أن يشوهوا لحظة تاريخه في أستحضارها أمل لوحدتنا. يدعون كذباً أن الإخوان المسلميين هم من قتل و ذبح في هذا اليوم و ينكرون عليهم دفاعهم و استبسالهم. إن وجدوا في الشعب أذن صاغية لمثل هذه الأقاويل سنفقد مضمون الثورة و لن يكون هناك أي أمل لاقتفاء أثر هذه اللحظات الصادقة.
للأسف مهد الطريق لهذه الحرب قيادات الأخوان بعد أن باعدوا بين شبابهم و الثوار، بعد أن سعوا نحو مغانم زائفة سرعان ما سوف تتبدد. لقد دفع أعضاء الأخوان ثمن باهظ من دمائهم من اجل أن تصبح جماعتهم فصيل سياسي مقبول مجتمعيا و غير محظور. أراهم اليوم يبددون في الثورة كما بددوا في دماء شبابهم.
بئس عاقبة الظالمين انفسهم.